بيان منظمات المجتمع المدني المحلية ونشطاء حقوقيين وأكاديميين ضدّ التمييز ومن أجل التضامن وحقوق الإنسان

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

تلقى لبنان تاريخياً موجات من الهجرة، ولطالما كان موطنا لجأت إليه الجماعات المضطهدة، فاحتضنهم، وشكّل ملاذاً آمنًا للمفكرين الأحرار والأدباء والشعراء والنشطاء والمستثمرين من المنطقة التي عانت من الممارسات القمعية والاستبداد.

لا يعكس خطاب اللوم والتمييز ضدّ اللاجئين تاريخنا المشترك وقيمنا وحسن ضيافتنا، ولا يشبه مبادئنا التي ينص عليها الدستور والاتفاقيات التي وقعت وصادقت عليها الحكومات اللبنانية المتعاقبة. تعيدنا هذه الخطابات بالذاكرة إلى بدايات الحرب الأهلية الموجعة والحيّة في أذهاننا، كما تشكّل أرضاً خصبة للفتن، وتهدّد أمن البلاد. 

شهدنا في الأسابيع القليلة الماضية عدّة حوادث مقلقة، كإجلاء اللاجئين وإحراق خيم بعضهم وتخويف عمّال في مكان عملهم وتحريض ضد أفرادٍ ضعفاء أصلاً وإقامة حواجز من قبل مدنيين يحثّون اللاجئيين على الرحيل، بالإضافة إلى خطاب الكراهية المسيطر الذي قد يؤدي إلى المزيد من العنف ضدّ اللاجئين والمهجّرين، وبين اللبنانيين أيضاً.

لكن، ترتكز هذه الخطابات والممارسات بشكل كبير على بيانات غير دقيقة ومعلومات غير صحيحة خاصة فيما يتعلق بالتأثير السلبي للاجئين على الاقتصاد. في الواقع، يفترض أن يُنظر إلى هذا الملف بشكل موضوعي ومسؤول بدءً بالآثار السلبية ولكن أيضا النظر إلى الأثر الإيجابي الذي لا بد من أخذه بالاعتبار، كما ويجب التمييز بين الانعكاسات السلبية التي تأثّر بها لبنان جراء الأزمة السورية من إقفال الحدود البرية ووقف التبادل التجاري وتدفق السلع من وإلى لبنان وبين أزمة اللجوء إلى لبنان فالخلط بين هاتين المسألتين يؤدي إلى تضخيم الصورة. إذ ساهم اللاجئون عبر التاريخ في تعزيز اقتصاد لبنان، ويساهم اللاجئون السوريون تحديدا اليوم في الاقتصاد اللبناني من خلال العمل الذي يؤدونه والاستثمارات والإيجارات التي يدفعونها والمساعدات المالية الإنسانية الوافرة التي يتلقاها لبنان سنوياً. على الرغم من تدفق اللاجئين بأعداد كبيرة بعد عام 2011 ما أثقل كاهل البلاد، إلّا أنه ساهم في إظهار المشاكل البنيوية والتفاوت الاقتصادي بوضوح، الأمر الذي يتطلب مقاربات مختلفة تتوجه نحو معالجة هذه الاختلالات بدل إلقاء اللوم على الآخرين. 

مع ذلك، يتلقّى لبنان مليار دولار أميركي كمساعدات سنوية من الجهات المانحة للتخفيف من أعباء استضافة اللاجئين. بين 2013 و2018، تلقّى لبنان حوالي 5,83 مليار دولار أميركي كمساعدات إنسانية، ما أدّى إلى إنعاش نشاطه الاقتصادي (بما في ذلك خلق وتوسيع فرص العمل)، وتمثّل بضخّ 9,33 مليار دولار في الاقتصاد اللبناني.{1} ساهم اللاجئون في زيادة الطلب وشراء السلع الاستهلاكية والاستئجار من المجتمعات المضيفة المحلية وتعزيز استخدام المواصلات وملء الفجوات في قطاعات تنخفض فيها اليد العاملة المحلية.{2} أخيراً، شجّع وصول اللاجئين السوريين تنفيذ مشاريع، خصوصاً عبر الوزارات والبلديات اللبنانية، وترميم المدارس والمراكز الاجتماعية والمستوصفات، ما وفّر فرص العمل للجميع في لبنان.{3} ما يساهم بدوره بدفع التطور الاقتصادي إلى الأمام.

في ضوء ذلك، ومع استحالة ضمان السلامة الشخصية للاجئين العائدين وتلك المرتبطة بالقضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية بحكم الأوضاع الراهنة في سوريا والتي لا تشجع على عودة آمنة ومحترمة،  لدى لبنان التزام دستوري واخلاقي بتقديم الحماية الأساسية المؤقتة للأفراد الذين يشعرون بخوف مبرّر من الاضطهاد.

بالتالي، نحن الموقّعين أدناه، منظمات المجتمع المدني المحلية ونشطاء حقوق الإنسان والأكاديميين، نؤكد على  دورنا، كجزء من مجتمع وطني أوسع، في مساءلة المسؤولين عن صون حقوق الإنسان ومبادئها في البلاد. نشدّد على التزامنا الجماعي بالتضامن، وعلى الأمور التالية:

  1. التمسك بالقيم الأساسية للدستور اللبناني، ولا سيما احترام أسس ومبادئ العدالة الاجتماعية، والمساواة في الحقوق والواجبات وعدم التمييز، والتمسك بسيادة القانون في لبنان.
  2. التأكيد على احترام الاتفاقيات والمعاهدات والقوانين الدولية.
  3. منع تطبيع الكراهية ضد اللاجئين والمقيمين غير اللبنانيين في البلاد.
  4. تعزيز مساهمة اللاجئين بشكل أفضل في المجتمع والإقتصاد اللبناني ضمن القوانين المرعية، بانتظار تأمين الظروف المناسبة لعودتهم الى بلادهم، وذلك  من خلال الخطاب القائم على الأثر الإيجابي.
  5. اعتماد التدابير التي تنظم سوق العمل والاستثمارات والتي تحول دون قيام المنافسة غير العادلة في سوق العمل وتأسيس المؤسسات الصغيرة بما يخفف من حدة التوتر غير المبرر بين الوافدين والمقيمين، وبما يسمح للاستثمار الأمثل للإمكانيات والموارد المادية والبشرية التي يوفرها اللاجئون وضخها في الاقتصاد اللبناني الذي يعاني اصلا من اختلالات بنيوية تحتاج بدورها الى معالجة هادئة ومسؤولة  
  6. تعزيز الدور الوسيط لوسائل الإعلام، بما في ذلك وسائل الإعلام الرئيسية والبديلة من خلال دعم وتوسيع الخطاب الإيجابي القائم على الأدلة والذي تم تطويره حول قضايا الهجرة.
  7. تحقيق مجتمعات دامجة وتضمينية ومفتوحة وشفافة ومتنوعة وغنية من خلال حماية الفضاء المدني والحفاظ عليه، وضمان التمتع الكامل بحريات الرأي والتعبير والوصول إلى المعلومات والموارد والتجمع السلمي، امتثالاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

المصادر

{1} اللاجئون = تقدير الشركاء استنادًا إلى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (31 كانون الأول 2018) ، متطلبات التمويل وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (2015) ، أثر المساعدات الإنسانية على الاقتصاد اللبناني 

{2} شعبان ، ج.  (5 نيسان، 2017). “هل يجب أن يحصل لبنان على مزيد من التمويل لاستضافة اللاجئين؟”

{3} التنسيق بين الوكالات (30 أيلول 2018). LCRP 2018 الربع الثالث تحديث التمويل.

https://data2.unhcr.org/en/documents/download/66829. 
Read More at: 
https://www.daleel-madani.org/node/169765Copyrights © 2019 Lebanon Support. All rights reserved.

الموقعون:

1- الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الإنتخابات.
2- المركز اللبناني لحقوق الإنسان.
3- المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين.
4- اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية.
5- جمعيّة جبال.
6- مبادرة غربال.
7- مركز دعم لبنان.
8- مركز وصول لحقوق الإنسان.
9- منظمة تبادل الإعلام الاجتماعي.
10- شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية.
الشخصيات الموقعة: – إيمان بشير – داليا مكداشي – زينة الحلو – ناصر ياسين – نور الشواف – حسانة جمال الدين – طارق عمّار باحث وناشط سياسي – ياسر الصبان، باحث في أمن المجتمعات – فاطمة ابراهيم
Read More at: https://www.daleel-madani.org/node/169765Copyrights © 2019 Lebanon Support. All rights reserved.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد