باريس – ١ نيسان ٢٠٢٠
نحنُ السوريون ندينُ لكلّ العالم مدى الحياة بما قدمناهُ لهم، لقدْ كنّا تجربةً ثمينةً للدول التي أرادت تجريبَ قُدُراتها العسكرية والأمنية، كنّا ولا زلنا خيرَ تجربةٍ لتنميةِ اقتصاداتِ الدول التي استضافتنا في مخيماتٍ قماشية أسموها “مسكنَ اللاجئين”، لقد كنّا حجّةً كبيرة أمام أي فشلٍ ذريع في سياسات الدول، ومبرر خيباتِ الأمل أمام شعوبها، ولا يزالُ الجزءُ الأكبرُ من سوريا ساحةَ حربٍ لتصفية حساباتِ الدول بين بعضها البعض، بعدما تمَّ احتلالُ الجزء الآخر منها.
إن حقوقَ الإنسان في بلادنا “مفقودة”، البحثُ عنها “ممنوع”، والعملُ بها “جريمةٌ يحاسِبُ عليها القانون”.. هذا اختصارٌ لتعريف حقوقِ الإنسان في بلادنا، الحقوق المتأصّلة في البشرية بات يجب على المدافعين والمدافعات النظرَ مليًا قبل الدخولِ إلى ساحةِ المعركة الحقوقية.
فالإيمانُ والعملُ في مجالِ حقوقِ الإنسان هو نضالٌ حقيقي في البحثِ عن سبلٍ للحياة، يجبُ على جميعِ الناس معرفَتها، ومعرفة كيفية المطالبة بها من السُلطات الحاكمة، والنضالُ من أجلِ تحصيلها، ولا يجبُ علينا أن نُقارِنَ احترام حقوقِ الإنسان بينَ بلداننا وبلدانِ العالم الآخر. لأنّ أساليبَ القمعِ تختلفُ من دولةٍ إلى أخرى ومن قارّةٍ إلى أخرى، إلّا في الشرقِ الأوسط فهي تتشابهُ بنسبةٍ كبيرة، أقلُّ ما فيها أساليبَ قمع حريةِ الرأي والتعبير.
ومع إيماننا المطلق بحقوقنا كـ “لاجئين”، فقد بدأنا أولى خطوات تأسيسِ “مركز وصول لحقوق الإنسان” في تموز عام 2017. لا شك بأنها كانت مرحلة صعبة للغاية شكّلت هاجسَ قلقٍ لا يوصف في اتخاذنا قرار تأسيس هكذا مشروع، إلّا أنَّ المساعدة والدعم المعنوي الذي تلقيناه من عشرات الأصدقاء المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان من عدة بلدان كان لهما دورًا كبيرًا في دفعنا للمضي قدمًا نحو إيصال “وصول” إلى طريقه المرجو، ولهم فضلٌ كبير فيما وصلنا إليه الآن.
لذلك، يتمثّل عمل “مركز وصول لحقوق الإنسان” في التوعية حول انتهاكات حقوق الإنسان بحق اللاجئين السوريين في لبنان، ورفع أصوات اللاجئين عاليًا ودعمهم بما نستطيع، وتزويد المدافعين بآليات الدفاع عن الحقوق والحريات العامة ولأن تكاتف المدافعين أفرادًا ومجموعات هو صُلب النجاح نحو تحقيق أي هدف بتغيير سياسات لبنان في تعامله مع اللاجئين الهاربين للبحث عن مساحة أمان في محاولة للبقاء على قيد الحياة.
إن هذا التقرير بسيطٌ في شكله ومضمونه، لكن خلف كل كلمة هناك مراحل طويلة اتخذناها لتجاوز الضغوطات النفسية الهائلة. أَنجز عمل ونشاط هذا التقرير البسيط عائلة “وصول”، عائلةٌ من مجموعة شبان وشابات لدينا الايمان المطلق بأن اليافعين يستطيعون البدء بتغيير العالم بخبرات ضئيلة بعد تجربة مريرة من العمل على مَأسسة “مركز وصول لحقوق الإنسان”، لذا فنحن مستمرين في هذا العمل لتحقيق ما نصبُّ إليه لو بعد حين.
ستنتهي الحرب يومًا ما، وسيعود كلّ لاجئٍ إلى وطنه، وسيكون هناك من الجانب الآخر إنسانًا يحاول “الوصول لحقوق الإنسان”.
محمـد حســن – مؤسس ومدير مركز وصول لحقوق الإنسان
للاطلاع على التقرير السنوي:
https://www.achrights.org/ar/2020/04/09/10707/