حوار مع رئيس مركز “وصول-ACHR” عن الحلول لمواجهة الممارسات التمييزية ضد اللاجئين بلبنان

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

مصطفى محمد- خاص – اقتصاد
29 تشرين الثاني 2020

أخذ السلوك التمييزي ضد اللاجئين السوريين في لبنان منحىً تصاعدياً بعد حادثة بلدة “بشرّي”، الحادثة التي شهدت مقتل مواطن لبناني على يد لاجئ سوري، والتي تسبّبت بمغادرة عشرات العائلات السورية البلدة، هرباً من العقاب الجماعي.

وسط اتهامات كثيرة لجهات حزبية لبنانية باستغلال هذه الحادثة وغيرها، تُطرح العديد من التساؤلات، حول الجهة التي تتحمل مسؤولية وقف الإساءة للاجئين السوريين، وعن الحلول للواقع الاقتصادي المتردي الذي تعانيه الشريحة الواسعة منهم، والناجمة عن تسلط أرباب العمل والتضييق الحكومي.

وللوقوف على هذه التساؤلات وغيرها، أجرى موقع “اقتصاد” حواراً مع رئيس مركز “وصول” لحقوق الإنسان-ACHR في فرنسا، الصحفي محمد حسن.

وفيما يلي نص الحوار الكامل:

“وصول” من المراكز الحقوقية الأولى المراقبة عن كثب لأوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، كيف تقيمون أوضاعهم، وما هي أسباب تدهورها؟

الوضع الاقتصادي المتدهور في لبنان، كان له تأثير واضح على اللبنانيين والسوريين بطبيعة الحال. اللاجئ السوري يعاني أصلاً من أوضاع صعبة، فاقمتها الأزمة الاقتصادية التي تضرب لبنان، ومسؤولية مجابهة ذلك تقع على عاتق “مفوضية اللاجئين”، والأخيرة أطلقت كعادتها العديد من النداءات في سبيل مساعدة اللاجئين بمواجهة فصل الشتاء، وإننا ننتظر كما كلّ عام أن تقف مفوضية اللاجئين على مسؤولياتها بمساعدة اللاجئين في مواجهة الشتاء القارص خصوصاً من هم في المخيمات، وعلى المفوضية أن تكون واضحة وشفّافة في تدخلاتها وإمكانياتها، والتعاون مع المنظمات العاملة في الميدان لسد احتياجات اللاجئين قبل فوات الأوان لشتاء هذا العام.

اقتصادياً، يشتكي اللاجئون السوريون من ظروف عمل صعبة، ومن عدم سماح السلطات اللبنانية بالعمل بشكل قانوني، ما هو الوضع في هذا الخصوص؟

في لبنان، قلة قليلة من اللاجئين من يعمل بشكل رسمي، والغالبية يتجهون للعمالة اليومية، لكن تدهور الاقتصاد اللبناني، وتداعيات وباء “كوفيد-19″، أدى إلى خسارة شريحة واسعة من اللاجئين لفرص العمل التي كانت متاحة لديهم بشكل قليل أساساً، ما أدى حالياً إلى انقطاع السبل إليها.

يترافق ذلك، مع تراجع المساعدات الإنسانية التي تقدمها “مفوضية اللاجئين”، وكذلك توقّف العديد المنظمات الإغاثية، وسط تسجيل محدود لمبادرات إغاثية فردية، وهي محدودة الأثر.

اللاجئون وتحديداً في المخيمات، هم بحاجة عاجلة إلى المساعدات الغذائية والصحية.

أما بخصوص تعامل السلطات، الواضح أن الحكومة اللبنانية بدأت منذ نحو عام ونصف العام بالتضييق على اللاجئين بشكل أكبر، من عمليات الترحيل القسري التي كانت تنتهجها العام الماضي، إلى الاعتقال التعسفي وارتفاع نسبة الانتهاكات في التمييز وعدم وضع إجراءات صارمة تحد من تفاقم خطابات الكراهية، وذلك في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى دفعهم للعودة إلى بلادهم.

بمعنى آخر، هناك تقاطع بين أهداف السلطات اللبنانية وحكومة النظام السوري على إعادة اللاجئين، لغرض القول بأن سوريا باتت بلداً قادراً على استقبال اللاجئين، بهدف استجرار التمويل من المجتمع الدولي، أي البدء بمرحلة إعادة الإعمار في ظل وجود السلطات الحالية، وحتماً فإن لبنان سيكون من الدول المستفيدة اقتصادياً حيث سيكون لبنان إحدى البلدان التي سيكون لها دوراً محورياً في مساعدة سوريا بإعادة الإعمار لموقعها الجغرافي القريب من سوريا، ويعني ذلك تنشيط الاقتصاد اللبناني بشكل كبير.

كذلك، من الواضح أن هناك حالات استغلال واسعة من أرباب العمل للاجئين السوريين، ما هي المعطيات لديكم؟

بكل تأكيد، هناك استغلال واضح، وخصوصاً أنه لا حماية قانونية للاجئين، ولذلك نركز دائماً على دعوة “مفوضية اللاجئين” لتحمل مسؤوليتها في حماية اللاجئين.

الحلول لكل ذلك، قيام المفوضية بدعم اللاجئين قانونياً من خلال الضغط على السلطات اللبنانية بإيجاد حلّ جذري لمشكلة الإقامة من الناحية القانونية، وهي المشكلة التي تسهّل استغلال اللاجئين، فعلى سبيل المثال لا يستطيع اللاجئ السوري تقديم شكاوى قضائية ضد مواطن لبناني، دون أن يكون وجوده في لبنان قانونياً، أي أن يكون حاملاً لإقامة سارية المفعول، ولك أن تتخيل حجم الكارثة بوجود أكثر من 80 في المئة من اللاجئين السوريين، دون أوراق ثبوتية، وإقامات، وكل ذلك يؤدي إلى سهولة استغلال اللاجئين.

وصولاً إلى حادثة بلدة “بشرّي” الأخيرة، في وسائل التواصل تم الحديث عن تعرض عائلات سورية لعمليات انتقامية تشبه “العقاب الجماعي” بعد الحادثة، وتضاربت الأنباء حول تسجيل وفيات بين السوريين، ما هو واقع الحال على الأرض؟

المركز يتابع عن كثب الحادثة وتداعياتها، وأصدرنا فوراً بيان إدانة للجريمة البشعة التي راح ضحيتها مواطن لبناني، لكن بالمقابل أكدنا على موقفنا الرافض لتعميم هذه الحادثة على اللاجئين، وصمت السلطات اللبنانية على تصرفات بعض المواطنين بعد انتهاجهم سياسة العقاب الجماعي على اللاجئين المقيمين في المنطقة.

اليوم، عشرات العائلات الهاربة من البلدة تقف أمام أبواب “مفوضية اللاجئين” في طرابلس، علماً بأن العائلات غادرت القرية دون اصطحاب أي شيء، وبعد التواصل معهم قالت المفوضية بأنها تتابع عن كثب العوائل التي تم ترحيلها، حيث سجّلت العديد من عمليات الاخلاء القسري وتخريب بعض المنازل التي تتبع للاجئين، وقامت بالتدخل في بعض الحالات، وإحالتهم إلى شركائها، وتأمين بعض المساعدات المادية وبعض أماكن الإقامة، لكن هذا لا يكفي حيث أنه لا يزال هناك لاجئون مقيمون أمام مكتب المفوضية في طرابلس.

الصورة السلبية التي خرجت من البلدة بعد الحادثة، واضحة للعيان، لكن لم يُسجل مقتل أي لاجئ سوري في البلدة لغاية اليوم، وكل ما أشيع عن ذلك، غير صحيح.

لاحظنا في الحادثة، كما الحوادث السابقة، تحريضاً من جهات حزبية؟

يُقال أن هناك تسييس من أحزابٍ سياسية، لكن من جهتنا نؤكد أن هناك طرقاً ممنهجة للضغط على اللاجئين من قبل السلطات، ولا نعلم ما إن كانت تلك الطرق يقف وراءها حزب سياسي مناهض لوجود اللاجئين في لبنان.

ما هي الحلول المتوفرة لوقف ما يبدو اتجاهاً واسعاً غير مؤيد للوجود السوري في لبنان؟

الحلول لهذه الممارسات التمييزية بما أن لبنان حتماً هو مستفيد من المساعدات الدولية المُقدمة للاجئين مباشرة أو عبر الوزارات الحكومية، يبدأ بالضغط على السلطات اللبنانية من قبل المجتمع الدولي والجهات المانحة، ليصار إلى جعل تقديم التمويل للبنان مشروطاً بدعم واقع حقوق الإنسان عموماً، وعلى الأخص أوضاع اللاجئين السوريين، وأيّ تراجع في أحوال حقوق الإنسان يجب أن تتأثر بموجبه مُنح التمويل، لنضمن الحد الأدنى من الحقوق الأساسية للمواطنين واللاجئين والعمال الأجانب عموماً.

نُشر على موقع اقتصاد، وزمان الوصل
https://www.eqtsad.net/news/article/32157/

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد